فصل: الكتاب الثالث: في الإجماع:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: منهاج الوصول إلى علم الأصول



.الباب الثاني: في الأخبار:

وفيه فصول

.الفصل الأول: فيما علم صدقه:

وهو سبعة:
الأول: ما علم وجود مخبره بالضرورة أو الاستدلال.
الثاني: خبر الله تعالى، وإلا لكنا في بعض الأوقات أكمل منه تعالى.
الثالث: خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمعتمد دعواه الصدق، وظهور المعجزة على وفقه.
الرابع: خبر كل الأمة لان الإجماع حجة.
الخامس: خبر جمع عظيم عن أحوالهم.
السادس: الخبر المحفوف بالقرائن.
السابع: المتواتر وهو خبر بلغت رواته في الكثرة مبلغاً أحادت العادة تواطؤهم على الكذب.
وفيه مسائل:
الأولى: أنه يفيد العلم مطلقاً، خلافاً للسمنية، وقيل: يفيد عن الموجود لا عن الماضي، لنا أنا نعلم بالضرورة وجود البلاد النائية، والأشخاص الماضية، قيل نجد التفاوت بينه وبين قولنا: الواحد نصف الاثنين، قلنا: للاستئناس.
الثانية: إذا تواتر الخبر أفاد العلم، فلا حاجة إلى النظر، خلافاً لإمام الحرمين والحجة والكعبى والبصري، وتوقف المرتضى، لو كان نظرياً لم يحصل لمن لا يأتي له، كالبله والصبيان، قيل: يتوقف على العلم بامتناع تواطؤهم، وأن لا داعي لهم إلى الكذب، قلنا: حاصل بقوة قريبة من الفعل، فلا حاجة إلى النظر الثالثة: ضابطه: إفادة العلم، وشرطه: إن لا يعلمه السامع ضرورة، وأن لا يعتقد خلافه لشبهه دليل، أو تقليد، وأن يكون سند المخبرين إحساساً به، وعددهم مبلغاً يمتنع تواطؤهم على الكذب، وقال القاضي: لا يكفي الأربعة، وإلا لأفاد قول كل أربعة، فلا يجب تزكية شهود الزنا لحصول العلم بالصدق أو الكذب، وتوقف في الخمسة، ورد: بأن حصول العلم يفعل الله تعالى، فلا يجب الاطراد، وبالفرق بين الرواية والشهادة، وشرط اثنا عشر، كنقباء موسى عليه الصلاة والسلام، وعشرون: لقوله تعالى: {إن يكن منكم عشرون}، وأربعون لقوله تعالى: {ومن اتبعك من المؤمنين} وكانوا أربعين، وسبعون لقوله تعالى: {واختار موسى قوة سبعين رجلاً} وثلاثمائة وبضعة عشر، عدد أهل بدر، والكل ضعيف، ثم إن أخيروا عن عيان، فذالك، وإلا فيشترط ذلك في كل الطبقات.
الرابعة: مثلاً لو أخبر واحد بأن حاتماً أعطى ديناراً، وآخر انه أعطى جملاً وهلم جرا، تواتر القدر المشترك لوجوده في الكل.

.الفصل الثاني: فيما علم كذبه:

وهو قسمان:
الأول: ما علم خلافه ضرورةً، أو استدلالاً.
الثاني: ما لوصح لتوفرت الدواعي على نقله، كما يعلم أن لا بلدة بين مكة والمدينة أكبر منهما، إذ لو كان لنقل، وادعت الشيعة أن النص، دل على إمامة على ـ رضي الله عنه ـ ولم تتواتر الإقامة، والتسمية، ومعجزات الرسول، ـ عليه الصلاة والسلام ـ قلنا: الأولان من الفروع، ولا كفر ولا بدعة في مخالفتهما، بخلاف الإمامة، وإما تلك المعجزات، فلقلة المشاهدين.
مسألة: بعض ما نسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كذب، لقوله {سيكذب على}، ولأن منها ما لا يقبل التأويل، فيمتنع صدوره عنه، وسببه: نسيان الراوي أو غلطه، أو افتراء الملاحدة لتنفير العقلاء.

.الفصل الثالث: فيما ظن صدقه:

وهو خبر العدل الواحد، والنظر في طرفين:

.الأول: في وجوب العمل به:

دل عليه السمع، وقال ابن سريج والقفال والبصري: دل العقل أيضاً، وأنكره قوم لعدم الدليل، أو للدليل على عدمه شرعاً وعقلاً، وأحاله آخرون، واتفقوا على الوجوب في الفتوى والشهادة والأمور الدنيوية.
لنا وجوب، الأول: أنه أوجب الحذر بإنذار طائفة من الفرقة، والإنذار: الخبر المخوف، والفرقة ثلاثة، والطائفة واحد أو اثنان، قيل: لعل للترجي، قلنا: تعذر فيحمل على الإيجاب لمشاركته في التوقع، قيل: الإنذار: الفتوى، قلنا يلزم تخصيص الإنذار، والقوم بغير المجتهدين، والرواية ينتفع بها وغيره، قيل فيلزم أن يخرج من كل ثلاثة واحد، قلنا: خص النص فيه.
الثاني: أنه لو لم يقبل: لما علل بالفسق، لأن ما بالذات لا يكون بالغير، والتالي باطل، لقوله تعالى: {إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا}.
الثالث: القياس على الفتوى والشهادة، قيل: يقتضيان شرعاً خاصاً، والرواية عاماً ورد بأصل الفتوى، قيل: لو جاز لجاز إتباع الأنبياء، والاعتقاد بالظن، قلنا: ما الجامع، قيل: الشرع يتبع المصلحة، والظن لا يجعل ما ليس بمصلحة مصلحة، قلنا: منقوض بالفتوى، والأمور الدنيوية.

.الطرف الثاني: في شرائط العمل به:

وهو إما في المخبر، أو المخبر عنه، أو الخبر.
أما الأول: فصفات تغلب على الظن، وهى خمس:
الأول: التكليف، فإن غير المكلف لا يمنعه خشية الله تعالى، قيل: يصح الاقتداء بالصبي اعتماداً على خبره بطهره، قلنا: لعدم توقف صحة صلاة المأموم على طهره، فإن تحمل ثم بلغ وأدي، قبل قياساً على الشهادة، وللإجماع على إحضار الصبيان مجالس الحديث.
الثاني: كونه من أهل القبلة، فتقبل رواية الكافر الموافق كالمجسمة إن اعتقدوا حرمة الكذب، فإنه يمنعه عنه، وقاسه القاضيان بالفاسق، ورد بالفرق.
الثالث: العدالة: وهي ملكة في النفس تمنعها من اقتراف الكبائر والرذائل المباحة، فلا تقبل رواية من أقدم على الفسق عالماً، وإن جهل قبل، قال القاضي أبو بكر: ضم جهلاً إلى فسق. قلنا: الفرق عدم الجرأة ، ومن لا تعرف عدالته لا تقبل روايته، لأن الفسق مانع، فلا بد من تحقق عدمه، كالصبا والكفر. والعدالة تعرف بالتزكية، وفيها مسائل:
الأولى: شرط العدد في الرواية والشهادة، ومنع القاضي فيهما، والحق الفرق كالأصل.
الثانية: قال الشافعي رضي الله عنه: يذكر سبب الجرح، وقيل: سبب التعديل وقيل: سببهما، وقال القاضي: لا فيهما.
الثالثة: الجرح مقدم على التعديل، لأن فيه زيادة.
الرابعة: التزكية: أن يحكم بشهادته، أو يثنى عليه، أو يروي عنه من لا يروى عن غير العدل، أو يعمل بخيره.
الرابع: الضبط، وعدم المساهلة في الحديث، وشرط أبو على العدد، ورد: بقبول الصحابة خبر الواحد، قال: طلبوا العدد، قلنا: عند التهمة.
الخامس: شرط أبو حنيفة ـ رضي الله عنه ـ فقه الراوي إن خالف القياس، ورد بان العدالة تغلب ظن الصدق فيكفي.
وأما الثاني: فأن لا يخالفه قاطع لا يقبل التأويل، ولا يضره مخالفة القياس، ما لم يكن قطعي المقدمات، بل يقدم لقلة مقدماته، وعمل الأكثر والراوي.
وأما الثالث: فقيه مسائل:
الأولى: لألفاظ الصحابي سبع درجات:
الأولى: حدثني ونحوه، الثانية: قال الرسول صلى الله عليه وسلم لاحتمال التوسط، الثالثة: أمر لاحتمال اعتقاد ما ليس بأمر أمراً، والعموم والخصوص، والدوام واللادوام، الرابعة: أمرنا، وهو حجة عند الشافعي ـرضي الله عنه ـ لأن من طاوع أميراً، إذا قاله، فهم منه أمره، ولأن غرضه، بيان الشرع، الخامسة: من السنة، السادسة: عن النبي صلى الله عليه وسلم وقيل: للتوسط، السابعة: كنا نفعل في عهده.
الثانية: لغير الصحابي أن يروي إذا سمع من الشيخ، أو قرأ عليه، ويقول له هل سمعت؟ قال نعم، أو أشار، أو سكت، وظن إجابته عند المحدثين، أو كتب الشيخ وقال: سمعت ما في هذا الكتاب، أو يجيز له.
الثالثة: لا تقبل المراسيل، خلافاً لأبى حنيفة ومالك رضي الله عنهما، لنا أن عدالة الأصل لم تعلم، فلا تقبل، قيل: الرواية تعديل، قلنا: قد يروى عن غير العدل، قيل: إسناده إلى الرسول يقتضى الصدق، قلنا: بل السماع، قيل: الصحابة أرسلوا وقبلت، قلنا: لظن السماع.
فرعان:
الأول: المرسل يقبل إذا تأكد بقول الصحابي ، أو فتوى أكثر أهل العلم.
الثاني: إن أرسل، ثم أسند قبل، وقيل: لا لأن إهماله يدل على الضعف.
الرابعة: يجوز نقل الحديث بالمعنى، خلافاً لابن سيرين، لنا أن الترجمة بالفارسية جائزة، فبالعربية أولى، قيل: يؤدي إلى طمس الحديث، قلنا: لما تطابقنا لم يكن ذلك.
الخامسة: إذا زاد أحد الرواة وتعدد المجلس، قبلت الزيادة، وكذا إن اتحد وجاز الذهول على الآخرين، ولم يغير إعراب الباقي، وإن لم يجز الذهول، لم تقبل، وإن غير الإعراب، مثل: «في كل أربعين شاة شاة» أو نصف شاة طلب الترجيح، فان زاد مرة وحذف أخرى، فالاعتبار بكثرة المرات.

.الكتاب الثالث: في الإجماع:

وهو اتفاق أهل الحل والعقد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم على أمر من الأمور.
وفيه ثلاثة أبواب:

.الباب الأول: في بيان كونه حجة:

وفيه مسائل:
الأولى: قيل محال، كاجتماع الناس في وقت واحد، على مأكول واحد، وأجيب: بأن الدواعي مختلفة ثمة، وقيل: يتعذر الوقوف عليه لانتشارهم، وجواز خفاء واحد منهم، وخموله، وكذبه خوفاً، أو رجوعه قبل فتوى الآخر، وأجيب: بأنه لا يتعذر في أيام الصحابة، فإنهم كانوا محصورين قليلين.
الثانية: أنه حجة، خلافاً للنظام والشيعة والخوارج، لنا وجوه:
الأول: أنه تعالى جمع بين مشاقة الرسول، واتباع غير سبيل المؤمنين في الوعيد، حيث قال:{ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى}الآية، فيكون محرماً، فيجب اتباع سبيلهم إذ لا مخرج عنهما، قيل: رتب الوعيد على الكل -قلنا بل على كل واحد، وإلا لغا ذكر المخالفة، قيل: الشرط في المعطوف عليه شرط في المعطوف قلنا: لا وإن سلم لم يضر لأن الهدى دليل التوحيد والنبوة، قيل: لا يوجب تحريم كل ما غاير، قلنا: لجواز الاستثناء، قيل: السبيل دليل المجمعين. قلنا: حمله على الإجماع أولى لعمومه، قيل: يجب إتباعهم فيما صاروا به مؤمنين قلنا: حينئذ تكون المخالفة: المشاقة، قيل: يترك الإتباع رأساً، قلنا: الترك غير سبيلهم، قيل: لا يجب اتباعهم في فعل المباح، قلنا: كاتباع الرسول عليه الصلاة والسلام، قيل: المجمعون اثبتوا بالدليل، قلنا: خص النص فيه، قيل: كل المؤمنين الموجودين إلى يوم القيامة، قلنا: بل في كل عصر، لأن المقصود العمل ولا عمل يوم القيامة.
الثاني: قوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطاً} عدلهم، فتجب عصمتهم عن الخطأ قولاً وفعلاً، كبيرة وصغيرة، بخلاف تعديلنا.
قيل العدالة فعل العبد، والوسط فعل الله تعالى، قلنا: فعل العبد فعل الله تعالى على مذهبنا، قيل: عدول وقت أداء الشهادة، قلنا: حينئذ لا مزية لهم فان الكل يكونون كذلك.
الثالث: قال النبي صلى الله عليه وسلم «لا تجتمع أمتي على خطأ» ونظائره، فإنها وإن تتواتر آحادها، لكن المشترك بينهما متواتر. والشيعة عولوا عليه لاشتماله على قول الإمام المعصوم.
الثالثة: قال مالك ـ رضي الله عنه ـ اجتماع أهل المدينة حجة، لقوله عليه الصلاة والسلام: «إن المدينة لتفنى خبثها» وهو ضعيف.
الرابعة: قال الشيعة إجماع العترة حجة، لقوله تعالى: {ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً} وهم على وفاطمة وابناهما رضوان الله عليهم ـ لأنها لما نزلت لف عليه الصلاة والسلام عليهم كساءً وقال: «هؤلاء أهل بيتي» ولقوله عليه الصلاة والسلام: «إنى تارك فيكم ما تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي».
الخامسة: قال القاضي أبو حازم: إجماع الخلفاء الأربعة حجة، لقوله عليه الصلاة والسلام: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي»، وقيل: إجماع الشيخين لقوله صلى الله عليه وسلم «اقتدوا باللذين من بعدي أبى بكر وعمر».
السادسة: يستدل بالإجماع فيما لا يتوقف عليه، كحدوث العالم ووحدة الصانع، لا كإثباته.

.الباب الثاني: في أنواع الإجماع:

وفيه مسائل:
الأولى: إذا اختلفوا على قولين فهل لمن بعدهم إحداث قول ثالث، والحق أنه الثالث إن لم يرفع مجمعاً عليه جاز، وإلا فلا، مثاله: ما قيل في الجد مع الأخ الميراث للجد، وقيل: لهما فلا سبيل إلى حرمانه، قيل: اتفقوا على عدم الثالث، قلنا: كان مشروطاً بعدمه، فزال بزواله، قيل: وارد على الوحداني، قلنا: لم يعتبر فيه إجماعاً، قيل: إظهاره يستلزم تخطئة الأولين، وأجيب: بأن المحذور هو التخطئة في واحد، وفيه نظر.
الثانية: إذا لم يفصلوا بين مسالتين فهل لمن بعدهم الفصل، والحق إن نصوا بعدم الفرق، أو اتحد الجامع كتوريث العمة والخالة، لم يجز، لأنه رفع مجمع عليه، وإلا جاز، وإلا يجب على من ساعد مجتهداً في حكم مساعدته في جميع الأحكام، قيل: اجمعوا على الاتحاد، قلنا: عين الدعوة، قيل: قال الثوري: الجماع ناسياً يفطر والأكل لا، قلنا ليس بديل.
الثالثة: يجوز الاتفاق بعد الاختلاف، خلافاً للصريفي، الإجماع على الخلافة، بعد الاختلاف، وله ما سبق.
الرابعة: الاتفاق على أحد قولي الأولين، كالاتفاق على حرمة بيع أم الولد، والمتعة، إجماع، خلافاً لبعض الفقهاء والمتكلمين لنا أنه سبيل المؤمنين، قيل: {فان تنازعتم} أوجب الرد إلى الله تعالى، قلنا: زال الشرط، قيل: «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم»، قلنا: الخطاب مع العوام الذين في عصرهم، قيل: اختلافهم إجماع على التخيير، قلنا: ممنوع.
الخامسة: إذا اختلفوا فماتت إحدى الطائفتين يصير قول الباقين حجة، لكونه قول كل الأمة.
السادسة: إذا قال البعض، وسكت الباقون، فليس بإجماع ولا حجة، وقال أبو علي إجماع بعدهم وقال ابنه: هو حجة، لنا أنه ربما سكت لتوقف أو خوف أو تصويب كل مجتهد، قيل: يتمسك بالقول المنتشر ما لم يعرف له مخالف، جوابه: المنع، وأنه إثبات الشيء بنفسه.
فرع:
قول البعض فيما تعم به البلوى، ولم يسمع خلافه، كقول البعض وسكوت الباقين.

.الباب الثالث: في شرائطه:

وفيه مسائل:
الأولى: أن يكون فيه قول كل عالمي ذلك الفن، فإنَّ قول غيرهم بلا دليل، فيكون خطأ، فلو خالفه واحد لم يكن سبيل الكل، قال الخياط وابن جرير وأبو بكر الرازي " المؤمنون "يصدق على الأكثر، قلنا: مجاز، قالوا: «عليكم بالسواد الأعظم»، قلنا: يوجب عدم الالتفات إلى مخالفة الثلث.
الثانية: لا بد له من سند، لأن الفتوى بدونه خطأ، قيل: لو كان فهو الحجة، قلنا يكونان دليلين، قيل: صححوا بيع المراضاة بلا دليل، قلنا: لا بل ترك اكتفاء بالإجماع.
فرعان: الأول: يجوز الإجماع عن الأمارة بأنها مبدأ الحكم، قيل: الإجماع على جواز مخالفتها، قلنا: قبل الإجماع، قيل: اختلفت فيها، قلنا: متقوض بالعموم وخبر الواحد.
الثاني: الموافق لحديث لا يجب أن يكون عنه، خلافاً لأبى عبدا لله البصري، لجواز اجتماع دليلين.
الثالثة: لا يشترط انقراض المجمعين، لأنه الدليل قام بدونه، قيل: وافق على الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ في منع بيع أم الولد، ثم رجع، ورد بالمنع.
الرابعة: لا يشترط التواتر في نقله كالسنة.
الخامسة: إذا عارضه نص، أُول القابل له، وإلا تساقطا.

.الكتاب الرابع: في القياس:

وهو إثبات مثل حكم معلوم في معلوم آخر لاشتراكهما في علة الحكم عند المثبت قيل الحكمان غير متماثلين، في قولنا لو لم يشترط الصوم في صحة الاعتكاف لما وجب بالنذر كالصلاة، قلنا: تلازم، والقياس لبيان الملازمة، والتماثل حاصل على التقدير، والتلازم والاقتراني لا نسميهما قياساً.
وفيه بابان:

.الباب الأول: في بيان أنه حجة:

وفيه مسائل:
الأولى: في الدليل عليه: يجب العمل به شرعاً، وقال القفال والبصري: عقلاً والقاساني والنهرواني: حيث العلة منصوصة، أو الفرع بالحكم أولى، كتحريم الضرب على تحريم التأفيف، وداود أنكر التعبد به وأحاله الشيعة والنظام، واستدل أصحابنا بوجوه:
الأول: أنه مجاوزة عن الأصل إلى الفرع، والمجاوزة اعتبار، وهو مأمور به، في قوله: {فاعتبروا}، قيل: المراد الاتعاظ، فإن القياس الشرعي لا يناسب صدر الآية، قلنا: المراد القدر المشترك، قيل: الدال على الكلي لا يدل على الجزئي، قلنا: بلى ولكن هاهنا جواز الاستثناء دليل العموم، وقيل: الدلالة ظنية، قلنا: المقصود العمل فيكفي الظن.
الثاني: قصة معاذ وأبي موسى، قيل: كان ذاك قبل نزول {اليوم أكملت لكم دينكم} قلنا: المراد الأصول، لعدم النص على جميع الفروع.
الثالث: أن أبا بكر قال في الكلالة: " أقول برأيى الكلالة ما عدا الوالد والولد " والرأي هو القياس إجماعاً، وعمر أمر أبا موسى في عهده بالقياس، وقال في الجد: " أقضي فيه برأيي "، وقال عثمان: " إن اتبعت رأيك فسديد " وقال على " اجتمع رأيي ورأى عمر في أم الولد " وقاس ابن عباس الجد على ابن الابن في الحجب، ولم ينكر عليهم، وإلا لاشتهر، قيل: ذموه أيضاً و قلنا حيث فقد شرطه توفيقاً.
الرابع: إن ظن تعليل الحكم في الأصل، بعلة توجد في الفرع يوجب ظن الحكم في الفرع، والنقيضان لا يمكن العمل بهما، ولا الترك لهما، والعمل بالمرجوح ممنوع فتعين العمل بالراجح. احتجوا بوجوه: الأول: قوله تعالى: {لا تقدموا} {وأن تقولوا} {ولا تقف} {ولا رطب} {إن الظن} قلنا: الحكم مقطوع، والظن في طريقه.
الثاني: قوله عليه الصلاة والسلام: «تعمل هذه الأمة برهة بالكتاب، وبرهة بالسنة وبرهة بالقياس، فإذا فعلوا ذلك ضلوا».
الثالث: ذم بعض الصحابة له من غير نكير، قلنا: معارضان بمثلهما فيجب التوفيق
الرابع: نقل الأمامية إنكاره عن العترة، قلنا: معارض بنقل الزيدية.
الخامس: أنه يؤدي إلى الخلاف والمنازعة، وقد قال الله تعالى: {ولا تنازعوا} قلنا الآية في الآراء والحروب، لقوله عيه الصلاة والسلام: «اختلاف أمتي رحمة».
السادس: الشارع فضل بين الأزمنة والأمكنة في الشرف، والصلوات في القصر، وجمع بين الماء والتراب في التطهير، وأوجب التعفف على الحرة الشوهاء دون الأمة الحسناء، وقطع سارق القليل، دون غاصب الكثير، وجلد بقذف الزنا، وشرط فيه شهادة أربعة دون الكفر، وذلك ينافي القياس، قلنا: القياس حيث عرف المعنى.
الثانية: قال النظام والبصري وبعض الفقهاء: إن التنصيص على العلة أمر بالقياس وفرق أبو عبد الله بين الفعل والترك، لنا أنه إذا قال: حرمت الخمر لكونها مسكرة يحتمل علية الإسكار مطلقاً، وعلية إسكارها، قيل: الأغلب عدم التقييد، قلنا: فالتنصيص وحده لا يفيد، قيل: لو قال علة الحرمة الإسكار لا ندفع الاحتمال، قلنا فيثبت الحكم في كل الصور بالنص.
الثالثة: القياس إما قطعي، أو ظني فيكون الفرع بالحكم أولى كتحريم الضرب على تحريم التأفيف، أو مساوياً: كقياس الأمة على العبد في السراية، أو أدون كقياس البطيخ على البر في الربا.
قيل: تحريم التأفيف يدل على تحريم أنواع الأذى عرفاً، ويكذبه: قول الملك للجلاد اقتله ولا تستخف به، قيل: لو ثبت قياساً لما قال به منكره، قلنا: القطعي لم ينكر، قيل: نفى الأدنى يدل على نفى الأعلى، كقولهم: فلان لا يملك الحبة ولا النقير ولا القطمير، قلنا أما الأول فلأن نفى الجزء يستلزم نفي الكل، وأما الثاني: فلأن النقل فيه ضرورة، ولا ضرورة هنا.
الرابعة: القياس يجري في الشرعيات حتى الحدود، والكفارات، لعموم الدلائل وفي العقليات عن أكثر المتكلمين، وفي اللغات عند أكثر الأدباء، دون الأسباب والعادات كأقل الحيض وأكثره.